بقلم : عبد الرؤوف بوفتح .. انا من دافعي الضرائب […]
بقلم : عبد الرؤوف بوفتح
.. انا من دافعي الضرائب كسائر المغلوبين على امرهم من أبناء الطبقة الوسطى والكادحين في هذا الوطن الذي صار يتباهى به اللص والراقصة، وكل الذين يمتشقون رايات المكر، والخديعة.
أبتُليت بلعنة الكتابة منذ صغري، ولما كان لا بد من موقع لي في المشهد الثقافي والأدبي، اصدرت مجموعتين شعريتين على نفقتي الخاصة منذ عقود..وبذلك اصبحت عضوا باتحاد الكتاب التونسيين منذ عقود أيضا..ثم التحقت بالعمل في الحقل الصحفي لسنوات اشرفت خلالها على بعض الملاحق الثقافية..وساهمت في اقامة بعض الندوات والتظاهرات واللقاءات الفكرية والابداعية شمالا وجنوبا..
كنت مع المبدعين المتميزين، نسعى للاحتفال مع بقية السرب بصباحات جميلة، وبأوقات حالمة لا ينكرنا فيها النهر، او تتخلى عنا فيها ضفاف بلادي.
كنا صغارا في عهد الزعيم ” بورقيبة”، وكانت دعوات وزارة الثقافة توجه للذين سبقونا والمقربين من سياسة المجاهد الاكبر يرحمه الله، وحين نسأل من خلف الأسوار عن سبب إقصائنا..يقال لنا :
– انتم فئة مراهقة ادبيا، ولا يؤتمن جانبكم..والثقافة سياسة النظام ايضا لا بد لها من أهل الطاعة ومن يدعو لها بدوام النعمة والخير.
رحل الزعيم بورقيبة، وجاء الجنرال يرحمه الله فاستبشرنا خيرا، وقلنا سيفتح هذا الرئيس الباب لا محالة للمهمشين والملعونين وأهل الحَطب من المثقفين والفنانين ومرضى الكلمات..غير انه قيل لنا ايضا :
– انتم عملاء ومرتزقة تظام بورقيبة، وفُتات الموائد، ولا حاجة لنا بكم في حضرة قافلة التحول والعهد الجديد..
رحل “بن علي”، واندلقت عربة الثورة دون حصان بمن فيها ما تساقط من بقايا خضر وغلال ومَن خلّفتهم قوافل الملح والملتاعين واليائسين والقابعين خلف الأعراف..
قلنا: الان فُرجت ،، وسوف ناخذ نصيبنا من الغناء ومن وليمة الحفل .. فالثورة مثل النهر تتساوى فيها جميع الاحطاب العائمة فوق الماء..وهي بالتأكيد لن تسأل ما الفائدة من انتظار المهدي، او اين ذهبت ثروة ” عبد الرحمان بن عوف”… حتى قيل لنا ونحن في غمرة الفرح المالح :
– انتم ازلام ” بن علي” وطحالب البحر الميتة، وهوامش البحيرات الجافة..
– معاليك يا وزيرة الثقافة..لي حديث بِوَجِع يعقوب..غير أني تعجّلت فرح ” بروتس”..ليس حبا في روما..بل لاني لم اجد امامي قائدا احضنه ثم اقتله.. كما كان يفعل “معاوية”..
قولي لي سيدتي، من هو المكلف في صلب وزارتك بإعداد قائمة الادباء و الشعراء والمفكرين والفنانين..والأسابيع الثقافية وايام قرطاج الشعرية التي تقام ببلادنا..والبعض خارجها..
لماذا لا يقع تحيين القائمات..بل إنصاف الجميع من بنزرت الى بن قردان..
لماذا يتصرف هؤلاء المشرفون في ادارة الشأن الثقافي التونسي وكأنه ملك خاص..وعلى اساس حفل زفاف احد افراد عائلته..؟!!
ولماذا يظل المركز الثقافي التونسي، وبيت الشعر، والمركز الدولي بالحمامات.. وبيت الحكمة، وغيرها..حكرا على بني أُميّة.. ؟!
وحتى اليوم الوطني للثقافة ..فإن قصر قرطاج لا يدخله الا ” آل عشيرة بني صَحْبانْ…
نحن جيل ضحية..فإلى متى هذا الظلم..
إن منابر الثقافة أخطر من المساجد..فافتحوا أبوابها لكل مريديها دون تمييز أو ولاء أو إقصاء وتهميش..
ومع ذلك سوف اردد دائما:
– انا من دافعي الضرائب..ولا اريد ان ياخذ مكاني غيري..ولا ان يأخذ صوتي صدى جدار. ولا اريد ان أظل دائما امسك بِقَرْنَيْ البقرة، وغيري يشبع حليبا..
أريد نصيبي كاملا من الحليب..!!