كانت التطورات الأخيرة في تونس محور النقاش في جلسة للجنة […]
كانت التطورات الأخيرة في تونس محور النقاش في جلسة للجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس الأمريكي أمس الخميس حيث تحدث الحاضرون عن تأثير ما يحدث في تونس على الوضع الاقليميّ في شمال افريقيا والشرق الأوسط والأوضاع الأمنية في المنطقة- وأجمع الحاضرون في الجلسة التي أقيمت عن بعد والخبراء الذين قدّموا شهاداتهم عمّا يحدث في تونس أنّ الوضع السياسي غير مستقّر وأنّ الرئيس قيس سعيد مطالب بتوضيح خطواته القادمة خاصّة في مسألتي الشرعية والبرلمان.
وأشار أغلب الحاضرين إلى أن عدم الاستقرار السياسي في تونس سيكون له تأثير مباشر على “انتشار محتمل للإرهاب” ووصلت الاحتمالاتُ الى حدّ نقاش نظرية “العصا والجزرة” لمعاقبة تونس في مداخلات فظّة تحملُ استبطانا لاحتقار تونس وتهديدا غير مباشر، وتصعيدا في اللهجة بل وحتى معلومات زائفة وأحكام مسبقة من قبل النواب المشاركين الذين يظنون أن تونس بلد ينتشر فيه الارهاب ومعاداة الساميّة ويدعو فيه الرئيس الى “محاربة اليهود”.
بعضُ الافتراضات الخاطئة قد يكون بسبب الترجمة غير الموفقة (الخاطئة) لخطابات الرئيس قيس سعيد المعقدة وبعض المداخلات الأخرى كانت تحمل تهديدا حقيقيا لتونس ودعوة لاستغلال الوضعية المالية والاقتصادية الصعبة للبلاد لوضع شروط ” على الرئيس تنفيذها فورا”.
توجّه أعضاء اللجنة بمجموعة من الأسئلة لكلّ من مدير برامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن معهد الولايات المتحدة للسلام إيلي أبو عون، ونائب المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن منظمة العفو الدولية آمنة القلالي، والمتخصصة في الشؤون الإفريقية عن خدمة أبحاث الكونغرس إلكسيس عارف، ورئيس الأركان وكبير المستشارين بمركز ويلسون، ومستشار الأمن القومي السابق ونائب مساعد المدير الأول للشؤون التشريعية والعامة إيدي أسيفيدو.
نبرة خطاب عضو الكونغرس غريغ ستوبي كانت تستبطن نية واضحة للتهديد والوعيد في حال استمرار الرئيس قيس سعيد في “تعطيل الشرعية”. النائب تساءل عن مصير المساعدات القيمة التي تقدمها بلاده لتونس، مؤكدا أنه لم يرى أي حسن استغلال لتلك المساعدات أو تقدما ملحوظا- وأكد أنه اذا روجت الولايات المتحدة لثقافة السوق المفتوحة في تونس مغيرة سياستها الاقتصادية لكانت الديمقراطية التونسية ناجحة، متسائلا حتّى عن سر “تطور” العلاقات بين تونس والصين وروسيا في إحالة غريبة الى أنّ تونس قد تكون بلدا “اشتراكيا”، ووصف اتحاد الشغل بأنه منظمة “يساريّة” تسعى لأن تدفع السياسيات الاقتصادية للبلاد نحو الاشتراكية. واعتبر النائب أنّ قيس سعيد يدفع نحو سياسة معادية للولايات المتحدة ومعادية لإسرائيل معلقا “انه ليس صديقنا”.
توالت المداخلات الغريبة المدججة بالمعلومات الزائفة والاقتباسات المترجمة بشكل سيّء لخطابات سعيد، أحد النواب عاد لتصريح قديم للرئيس يدافع فيه عنّ الحقّ الفلسطينيّ في العودة معتبرا ذلك التصريح معاديا لليهود وخطيرا ويخاطر بتهديد “عملية السلام”.
وقال تيد دوتش رئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومكافحة الإرهاب بمجلس النواب الأمريكي، إن الديمقراطية التونسية في خطر بعد شروع الرئيس قيس سعيد في فرض سلطات تنفيذية.
وأضاف أن عددا من البرلمانيين ما زالوا قيد الاحتجاز بتهم سياسية وبدون أي مؤشرات على موعد إعادة فتح البرلمان وإطلاق سراحهم.
مستشار الأمن القومي السابق ونائب مساعد المدير الأول للشؤون التشريعية والعامة إيدي أسيفيدو أكّد أن الاتحاد الأوربي مستاء لدرجة كبيرة مما يحدث من تونس وأنّه يمكن استغلال هذه النقطة للضغط على تونس ورئيسها لأنّ الاتحاد الأوربي هو الشريك الاقتصادي الرئيسي لتونس.
تحدّث إيدي أسيفيدو عن الوضع الاقتصادي في تونس، ثم انتقل للحديث عن الاف الارهابين الذين “صدّرتهم تونس للعالم وخاصة سوريا” واصفا الوضع الامني في البلاد بأنّه “أقل أمنا” معلقا أن ما يحدث من تعليق العمل للسلطة التشريعية غير معقول ويحمل العديد من الأخطار ومشددا “علينا أن نتحرّك الان لأننا نريد للديمقراطية التونسية أن تنجح” ومحيلا الى انّ حكومة نجلاء بودن ليست شرعية لأنها لم تمر للتصويت أمام البرلمان.
عن حكومة نجلاء بودن- أكدت آمنة القلالي أن الحكومة تبدو جيدة فقط “على الاوراق” لأنه في الواقع السلطة التنفيذية لدى رئيس الجمهورية، شارحة لأعضاء الكونغرس المرسوم 117 وفصوله التي تعطي للرئيس العديد من الصلاحيات ولا تدعُ لنجلاء بودن سلطة على الاطلاق.
وتابعت أن الحكومة ” تساعد” الرئيس ولا تقوم بأي دور واصفة دور الحكومة بأنه ثانوي ومرتبط اساسا بما يقرره الرئيس الذي يترأس مجلس الوزراء ويعينهم ويقيلهم ويحلّ المؤسسات الدستورية ويحدد سياسيات الدولة- وكانت شهادة القلاتي تأكيدا لدى النواب بالخطر الذي يشكله الرئيس.
أمام الأسئلة الاستفزازية التي ربطت بشكل غير منطقي بين الارهاب في منطقة الشرق الأوسط وتونس، أكدت المتخصصة في الشؤون الإفريقية عن خدمة أبحاث الكونغرس إلكسيس عارف أن الوضع في تونس مستقر أمنيا مؤكدة أن المساعدات الأمنية واللوجستية التي قدمتها الولايات المتحدة لتونس في مجال الارهاب تم استخدامها جيدا. إلكسيس عارف كانت الطرف المحايد الوحيد الذي استمات في الدفاع عن تونس والتذكير بأنّ نسق العمليات الارهابية في البلاد ضعيف للغاية ويكاد يكون منعدما في السنة الأخيرة وأن البلاد في الواقع تشهد نجاحات استخباراتية وأمنية واصفة المردود الأمني لتونس بأنه “مرضي للغاية” وفق المعلومات الحصرية التي تمتلكها.
ودافع الممثل عن الحزب الديمقراطي توم مالانواسكي باستماتة مثيرة للحيرة عن حركة النهضة رافضا تصريح أحد المتدخلين بأنه حزب متطرف، النائب أكد أن النهضة من أكبر “مناهضي” الارهاب والتطرف مشددا أن الالتقاء بالنواب المنتخبين ديمقراطيا في تونس والاستماع لهم مباشرة أمر مهم واعتبر أنّ هذا البلد الصغير كان الناجي الوحيد من الربيع العربي- قبل أن يحدث انقلاب قيس سعيد الخطير على الديمقراطية ويهدد بإعادة تونس لنادي الدول الديكتاتورية موجها أصابع الاتهام لبعض الدول الخليجية الذي أكد أنها “تدعم الانقلاب في تونس على الشاكلة المصرية”.













