سجّل شهر جوان 2025 ارتفاعًا غير مسبوق في درجات حرارة المياه السطحية للبحر الأبيض المتوسط، بلغ ما بين 4 و5 درجات مئوية فوق المعدلات العادية، وهي النسبة الأعلى منذ سنة 1982، وفق ما أكّده الأستاذ المبرّز في الجغرافيا والخبير في طقس تونس، عامر بحبة، خلال تدخله في برنامج “تونس في 60 دقيقة” على إذاعة ديوان أف أم.
وقال بحبة أن هذا الارتفاع يُعتبر مؤشرًا واضحًا على موجة حرّ بحريّة، تشبه موجات الحرّ التي نلاحظها على اليابسة، مبرزا أن مياه البحر بدورها تتأثر بالظواهر المناخية، وتسجّل ارتفاعًا في درجات حرارتها، خصوصًا في الطبقة السطحية، أي الجزء العلوي من مياه البحر.
وأضاف أن عدّة مراكز دولية، من بينها المركز المتوسطي للدراسات البيئية ومركز كوبرنيكوس الأوروبي، أكدت من خلال بياناتها وخرائطها المناخية أن شهر جوان الجاري هو الأشدّ حرارة مقارنةً بكل أشهر جوان السابقة منذ عام 1982، بل وربما منذ أكثر من قرن، أي منذ بدء تسجيل المعطيات المناخية الحديثة.
ولفت الى ان البحر الأبيض المتوسط يُعتبر من أكثر المسطحات المائية تأثرًا بالاحتباس الحراري مقارنة ببقية محيطات العالم، ويرجع ذلك لتمركز الأشعة الشمسية صيفًا وارتفاع درجات الحرارة بفعل المرتفع الإفريقي، وهو نظام جوي حار يمتد من الصحراء الكبرى ليصل إلى أوروبا عبر شمال إفريقيا والبحر المتوسط، ما يؤدي إلى تسجيل موجات حرّ قوية وطويلة المدى.
هذا الارتفاع الكبير في حرارة مياه البحر يمكن أن يُحدث تغيرات بيئية مقلقة، وفق ما أكد الأستاذ عامر بحبة. فقد يتسبب في نفوق الأسماك، وتدهور الغطاء النباتي البحري، وتغير لون المياه، فضلًا عن اضطراب النظام البيئي البحري، خاصّة في المناطق المغلقة وشبه المغلقة مثل خليج قابس.
وأضاف أن بعض أنواع الأسماك التي لا تحتمل الحرارة العالية قد تبتعد عن السواحل نحو أعماق البحر، ما يؤثر على نشاط الصيد الساحلي، خاصة بالنسبة لأصحاب المراكب الصغيرة.
من جهة أخرى، أشار الخبير إلى أن مثل هذا الاحترار السريع وغير المعتاد لمياه البحر يمكن أن يكون “وقودًا” لعواصف خريفية شديدة أو أمطار طوفانية، ولكن بشرط تزامن هذا الاحترار مع قدوم منخفضات جوية باردة، وهي الظاهرة التي غالبًا ما تشهدها مناطق المتوسط في أشهر سبتمبر وأكتوبر.