وطنية: الرحلة الى دولة الصين الشعبية استثنائية بكل المعاني، فهي تحملك الى الماضي السحيق والمستقبل المبهر في الان نفسه، فالصين تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي تسجل حضورها في العجائب السبع العالمية وتكاد تنفرد بكل عجائب القرن الـ21.
بيكين- تونس الان/ كتب حافظ الغريبي
الرحلة الى دولة الصين الشعبية استثنائية بكل المعاني، فهي تحملك الى الماضي السحيق والمستقبل المبهر في الان نفسه، فالصين تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي تسجل حضورها في العجائب السبع العالمية وتكاد تنفرد بكل عجائب القرن الـ21.

بيكين، تشونغتشينغ وشنغاي، ثلاث مدن تفصلها الاف الكيلومترات عن بعضها البعض لكن تقربها ثوابت الحضارة الصينية الممتدة لألاف السنين والتي تقوم على الاصالة، الاستمرارية، الابتكار، الوحدة، التسامح والسلام.

فرغم الاف السنين فقد استمرت الحضارة الصينية بثوابتها التي استبطنها شعبها واستلهمت منها قيادتها لتوحيد شعبها رغم اختلاف الأعراق في إطار من التسامح والسلام لخوض مسيرة البناء والتشييد معتمدة على الابتكار فالإبهار.

بيكين عاصمة العجائب
لم تكن العاصمة بيكين مجرد مدينة تعج بالـ22 مليون نسمة التي تقطنها بل كانت تحمل ارثا إنسانيا عظيما تجسّم في عديد الأثار الخالدة أهمها المدينة المحرمة، مقر حكم عائلتي مينغ وتشينغ التي شهدت حكم 42 امبراطورا صينيا على امتداد زهاء النصف قرن الى حين سقوط الإمبراطورية في سنة 1911، تسمى المدينة المحرمة ذات اللون الارجواني باللغة الصينية «Zijin Cheng»، وتعني Zi اللون الأرجواني رمز نجم الشمال، الذي يمثل سكن الإمبراطور السماوي، وتشير jin الى حرمة المكان، ومنها جاءت صفة المحرمة اذ لا يدخلها أحد دون إذن الإمبراطور، فيما تعني cheng “المحاطة بالأسوار”، اسوار ترتفع لعشرة امتار ويوجد خارجها نهر اصطناعي يبلغ عرضه 52 مترا ويسمى”نهر هو تشنغ ” أي نهر الدفاع عن المدينة.

يزور المدينة المحرمة وساحة ” تيانانمن” الممتدة امامها يوميا عشرات الالاف من الصينيين والأجانب.. وساحة ” تيانانمن” الشهيرة تعتبر اكبر ميدان في العالم وهي مصنفة ضمن التراث العالمي لليونسكو وتعني بالصينية بوابة السلا

الزيارة لهذين المعلمين فرصة للاطلاع على المعمار العظيم للقصر الامبراطوري والذي يضم جزئين، جزء أمامي وهو مقر حكم الامبراطور الذي يقيم بأحد اجنحته الثلاثة المراسم الضخمة اما الجزء الداخلي للمدينة فهو الفضاء الذي يمارس فيه الإمبراطور أعماله اليومية ويقيم فيه بمعية عائلته وحريمه من النساء اللواتي تعددن بالألاف. كما توجد به حدائق غناء وقطع اثرية يبلغ عددها زهاء المليون قطعة لكن لا تعرض الا المئات فقط.

ولئن تعتبر المدينة المحرمة احد العالم الأكثر زيارة في بيكين فإن سور الصين العظيم الذي يبعد حوالي 30 كلم عن العاصمة هو أحد أهم مواقع التراث العالمي وهو واحد من عجائب الدنيا السبع.. كيف لا وهو الذي يمتد على اكثر من 21 الف كيلومتر لحماية الإمبراطورية من هجمات الأعداء. وهو مشروع دفاعي نموذجي يجمع بين الاسوار المرتفعة المتسللة عبر الجبال وبين أبراج المراقبة الممتدة على طوله وبين الممرات الاستراتيجية وثكنات الجنود وبين أبراج الإنذار التي لها تقنياتها الخاصة قي الإبلاغ عن هجمات الاعداء.

والعاصمة الصينية بيكين الى جانب كونها مقر نظام الحكم السياسي والحكومي فهي ضمن اهم المحطات الاقتصادية والمالية حيث ترتفع ناطحات السحاب التي تضم الاف الموظفين والابراج التي تأوي الاف السكان الذين يعيشون في تناسق وتوافق مع البيئة بفضل تعميم الدراجات الهوائية والكهربائية التي توفرها البلدية على ذمة مواطنيها بأسعار رمزية لتيسير التنقل وتخفيف الوطأة على وسائل النقل العمومية التي تحولت جميعها الى صديقة للبيئة بفضل تعميم المحركات الكهربائية والتي حوّلت ضجيج السنوات الخوالي الى هدوء رغم التدفق المذهل للعربات.

وللصين مدينتها العتيقة التاريخية التي تحولت لإقامات اثرياء القوم ومنها صاحب شركة علي بابا الشهيرة، وربما مثّل دخولهم اليها نوعا من الحفاظ عليها من التلف رغم ان ملكية الأرض في الصين تعود للدولة وحدها ولا يملك المواطن الا ما فوق الأرض لمدة 7 سنة قابلة للتجديد وللتوريث.

هكذا يتضح ان بيكين باقتصادها القوي وبسورها العظيم وبمدينتها المحرّمة هي حقا مدينة محرّمة لكن على المتقاعسين فقط.





الحلقة القادمة تشونغتشينغ مدينة الـ32 مليون ساكن العجيبة