وطنية: استبعد المراقب فرضية سوء الأحوال الجوية التي أشارت إليها شركة نوفلار المعنية بالحادث.
تونس الان
تتواصل فصول التحقيق في الحادثة الجوية الخطيرة التي جدت في مطار نيس كوت دازور جنوب فرنسا، بعد أن كادت طائرتان تابعتان لشركة نوفلار التونسية وإيزي جات الاوربية تتصادمان أثناء مرحلة الهبوط والاستعداد للاقلاع ، في واقعة وُصفت بأنها من أخطر الحوادث التي عرفها المطار في السنوات الأخيرة.
وفي هذا السياق، خرج أحد مراقبي الملاحة الجوية الفرنسيين عن صمته ليكشف معطيات جديدة حول ما حدث، مؤكداً أن تفاعل فريق المراقبة في اللحظات الأخيرة أنقذ الأرواح ومنع وقوع كارثة محققة.
المراقب الجوي، الذي تحدث لموقع فرانس 3 جهات دون الكشف عن هويته، أوضح أن زميلاً له في برج المراقبة هو من تدخّل في الوقت المناسب وطلب من طاقم الطائرة إعادة تشغيل المحركات والارتفاع مجدداً بعد أن كان الهبوط جارياً.
واعتبر أن ما حصل في تلك الدقائق المصيرية كان بمثابة معجزة حقيقية، إذ جاء القرار في اللحظة الفاصلة بين الحياة والموت، عندما كانت الطائرة على وشك ملامسة المدرج الذي كانت تتواجد عليه طائرة أخرى في وضع الاستعداد للإقلاع.
وأضاف المراقب أن طاقم المراقبة تصرّف بمسؤولية عالية واحترافية كبيرة، وأن جميع العاملين في البرج تعاونوا بهدوء وانضباط لتصحيح المسار وإنقاذ الموقف. وأشار إلى أن الفريق كان في جاهزية تامة تلك الليلة، وأن سرعة ردّ الفعل لعبت دوراً محورياً في تفادي الكارثة.
كما كشف المصدر ذاته أن عدداً من الطيارين كانوا قد تقدّموا بشكاوى خلال الأشهر الستة الماضية تتعلق بفروقات في مستوى إضاءة مدارج مطار نيس، وهو ما قد يؤدي أحياناً إلى التباس بصري أو صعوبة في التمييز بين المدارج، خصوصاً خلال الرحلات الليلية أو في ظروف إضاءة محدودة. وأوضح أن هذه الملاحظات كانت معروفة لدى السلطات المختصة، وأنها قد تشكل أحد العناصر التي سيأخذها مكتب التحقيق والتحليل لسلامة الطيران المدني بعين الاعتبار خلال تحليله للوقائع.
من جهة أخرى، استبعد المراقب فرضية سوء الأحوال الجوية التي أشارت إليها شركة الطيران التونسية المعنية بالحادث، موضحاً أن الرؤية كانت كافية وأن الظروف الجوية لم تكن السبب المباشر في الخطأ الذي وقع.
واعتبر أن التحقيق الجاري حالياً سيوضح ما إذا كان الخلل بشرياً أو تقنياً، مؤكداً أن العاملين في المراقبة الجوية قاموا بما يفرضه الواجب المهني في مثل تلك الحالات.
ويتابع مكتب التحقيق والتحليل الفرنسي أعماله لتحديد المسؤوليات بدقة، بعد أن تم استخراج وتحليل بيانات الرحلتين المعنيتين بالحادث. وتشير المعلومات الأولية إلى أن الاصطدام كان قاب قوسين أو أدنى، لولا تنفيذ مناورة الارتفاع المفاجئ في اللحظة المناسبة.
وتواصل السلطات الفرنسية دراسة جميع المعطيات التقنية ومراجعة بروتوكولات الهبوط في المطار بهدف منع تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً. الحادث الذي وقع في مطار نيس أثار موجة واسعة من الاهتمام في الأوساط الجوية والإعلامية، خصوصاً بعد تسريب تفاصيل من داخل برج المراقبة حول سرعة الاستجابة التي أنقذت الطائرتين وركابهما.
كما أعاد الحادث فتح النقاش حول معايير السلامة في المطارات الأوروبية التي تعرف حركة جوية كثيفة خلال الموسم السياحي، وحول ضرورة تحديث تجهيزات الإضاءة وأنظمة الإنذار في بعض المنشآت القديمة. ويُنتظر أن ينشر مكتب التحقيق الفرنسي تقريراً مفصلاً خلال الأشهر المقبلة لتحديد الأسباب الدقيقة للحادث والإجراءات التصحيحية المطلوبة، فيما عبّر عدد من الطيارين والمراقبين الجويين عن اعتزازهم بالمهنية العالية التي أبداها فريق المراقبة في نيس والتي سمحت بتجنب مأساة كانت ستكون من الأكبر في تاريخ الطيران المدني













