بعد نحو ثمانية أشهر من الوجع والفقدان والحداد، تلقت عائلة الشابة الفلسطينية بيسان فضل محمد فياض، التي كانت معتقلة لدى الاحتلال، صدمة جديدة تُعيد فتح الجراح وتكشف عن واحدة من أكثر حالات الإخفاء القسري قسوة وإيلامًا.
لم تكن قصة بيسان فياض مجرد مأساة عابرة، بل فاجعة تتجاوز حدود الخيال، فبعد أن ودّعتها عائلتها شهيدة ودفنت جثماناً قيل إنه يعود لها في جانفي 2024، انكشفت الحقيقة الصادمة لاحقاً: بيسان لم تُستشهد تحت القصف، بل اختُطفت حيّة وزُجّ بها في سجون الاحتلال، حيث تعاني شللاً نصفياً نتيجة إصابة خطيرة في العمود الفقري.
ما عاشته عائلتها من حزن الفقدان لأشهر طويلة، انقلب إلى صدمة أكبر حين تأكدوا في اوت 2025 أنها ما زالت على قيد الحياة، خلف القضبان، وسط ظروف احتجاز قاسية وإهمال طبي متعمد.
وأكّد “المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرًا” في بيان له اليوم الثلاثاء، أن هذه الحادثة تمثّل نموذجًا صارخًا لسياسة الإخفاء القسري التي يمارسها الاحتلال بحق الفلسطينيين في قطاع غزة منذ بدء عدوانه العسكري المتواصل قبل أكثر من 22 شهرًا، حيث تُحرم العائلات من أبسط حقوقها في معرفة مصير أحبّتها، وتُدفَع إلى عيش الحداد على جثامين قد لا تكون لأبنائهم أصلًا، في ظل تلاعب متعمد بالجثامين والوثائق من قِبل سلطات الاحتلال.
حادثة بيسان ليست استثناءً، بل جزء من سياسة “إسرائيلية” ممنهجة في الإخفاء القسري والتلاعب بالجثامين، وثقتها تقارير دولية، مع تعرّض عشرات المقابر في غزة للتدمير ودفن جماعي لمجهولي الهوية.
وطالب المركز بالضغط الفوري للكشف الكامل عن مصير المعتقلة بيسان فياض وتوفير العلاج المناسب لها، ومحاسبة الاحتلال على الجريمة المزدوجة التي ارتكبها بحقها وحق عائلتها، مشيرًا إلى أن القضية لا تتعلق ببيسان وحدها، بل هي جزء من نمط مستمر من الانتهاكات التي تطال مئات الفلسطينيين المخفيين قسرًا، دون معلومات عن أماكن احتجازهم أو أوضاعهم الصحية، أو حتى إن كانوا ما زالوا على قيد الحياة.