وطنية: بفضل يقظة المراقب الجوي واستجابة طاقم نوفلار السريعة، تمّ تفادي الكارثة في اللحظة الأخيرة.
تونس الآن
كشفت هيئة التحقيق الفرنسية في حوادث الطيران المدني (BEA) في تقريرها التمهيدي الصادر في 22 أكتوبر 2025، عن وقائع حادث خطير كاد يؤدي إلى تصادم جوي على مدرج مطار نيس – كوت دازور مساء الأحد 21 سبتمبر 2025، بين طائرتين من نوع إيرباص A320 تابعتين لشركتي نوفلار Nouvelair تونس وeasyJet Europe.
الطائرة التونسية، المسجّلة تحت رقم TS-INP والرحلة رقم Nouvelair 586، كانت قد أقلعت من مطار تونس قرطاج عند الساعة الثامنة والربع ليلاً، متجهة إلى نيس، وعلى متنها 176 راكباً وطاقم من ستة أفراد.
في المقابل، كانت طائرة “إيزي جت”، المسجّلة OE-IJZ، تستعدّ في مطار نيس للانطلاق نحو نانت وعلى متنها 170 راكباً.
التسلسل الزمني للحادث
- 21:10 – تواصل طاقم “نوڤال إير” مع برج المراقبة في نيس أثناء الهبوط من ارتفاع 15 ألف قدم.
- 21:19 – بسبب سحبٍ رعدية على المسار، طلب الطاقم تعديل خطة الهبوط من الاقتراب RNP Z 04L إلى الاقتراب RNP A 04L، وهو مسار غير دقيق يعتمد على الملاحة بالأقمار الصناعية دون إرشاد عمودي.
- 21:25 – تلقّت الطائرة إذنًا بالاقتراب من المدرج 04L، المخصّص للهبوط، في حين أُعطيت طائرة “إيزي جِت” أوامر بالانتظار عند مدخل المدرج المجاور 04R المخصّص للإقلاع.
- 21:30 – أُذن لطائرة “نوڤال إير” بالهبوط على 04L، لكن عند انتقالها إلى المرحلة النهائية، قام القائد بتحويل اتجاهه يميناً معتقداً أنّه يرى المدرج الصحيح، ليتبيّن لاحقاً أنه اتجه نحو المدرج 04R الأكثر إضاءة.
- 21:31:41 – أطلق نظام الإنذار في برج المراقبة (A-SMGCS) أول إشارة تنبيه (برتقالية) مع دخول طائرة “إيزي جِت” إلى المدرج استعداداً للإقلاع.
- 21:31:57 – تحوّل الإنذار إلى إشارة حمراء صوتية ومرئية بعد ثوانٍ قليلة، والطائرتان أصبحتا على مسافة خطيرة: “نوڤال إير” على ارتفاع 450 قدماً فقط فوق سطح الأرض وعلى بعد ميل واحد من مقدّمة المدرج 04R.
- 21:32:23 – حلّقت الطائرة التونسية فوق طائرة إيزي جت المتوقفة على المدرج، على ارتفاعٍ لا يتجاوز عشرة أقدام (نحو 3 أمتار) قبل أن ترتفع مجدداً.
- 21:32:25 – أصدر المراقب الجوي أمرًا فوريًا بالعودة إلى الارتفاع (إلغاء الهبوط / Go-Around)، وهو ما نفّذه الطاقم بنجاح دون أي تماس بالأرض أو اصطدام.
- 21:48 – عادت الطائرة لإجراء اقتراب ثانٍ وهبطت بسلام على المدرج الصحيح 04L.

الظروف الجوية
كان الطقس مضطرباً في تلك الليلة بين “كان” و”أنتيب”، مع رياح متقلبة وأمطار رعدية تقلّصت معها الرؤية إلى نحو 2.8 كيلومتر في بعض اللحظات. كما سُجّلت عواصف برق في المنطقة، رغم أنّ مسار الاقتراب نفسه لم يتأثّر مباشرة بالصواعق.
العوامل المساهمة في الحادث
التحقيق الأولي أشار إلى عدة عناصر قد تكون ساهمت في الحادث:
1. تشابه المدرجين 04L و04R اللذين يفصل بينهما 309 أمتار فقط.
2. اختلاف شدة الإضاءة: المدرج 04R (المخصّص للإقلاع) أكثر سطوعاً من المدرج 04L (المخصّص للهبوط).
3. الاعتماد على اقتراب غير دقيق (RNP A) أثناء الليل، مما يتطلّب انتقالاً بصرياً دقيقاً في المرحلة الأخيرة.
4. ظروف الرؤية المحدودة نتيجة الأمطار والعواصف.
5. انشغال المراقب الجوي الذي كان يتولى في الوقت نفسه وظيفتي الاقتراب (APP) والبرج (LOC)، ما زاد عبء العمل.

الإجراءات بعد الحادث
أعلنت إدارة الملاحة الجوية في جنوب شرق فرنسا (SNA SE) إجراءات وقائية عاجلة، أهمّها:
– منع تنفيذ الاقترابات البصرية الليلية (VPT) في حالة استخدام المدرجين معاً.
– الاقتصار على الاقترابات الدقيقة المزودة بتوجيه عمودي (ILS أو RNP-Z/Y) ليلاً.
التحقيقات الجارية
أوضح مكتب التحقيق الفرنسي أنّ التحريات لا تزال مستمرة حول:
- تقييم الأحوال الجوية بدقة لحظة الحادث.
- مدى وضوح الإجراءات الملاحية (RNP A وVPT).
- أداء الطاقمين والمراقبين الجويين.
- كفاءة نظام الإنذار الأرضي A-SMGCS.
- دراسة تأثير الفروقات في إضاءة المدرجات.
- مراجعة حوادث سابقة مشابهة في مطار نيس (تمّ تسجيل عدّة حالات لبَس بين مدرجي 04L و04R في السنوات الأخيرة).
الخلاصة
أكد التقرير التمهيدي أنّ ما حدث ليلة 21 سبتمبر كان حادثاً خطيراً جداً كاد يؤدي إلى تصادم مباشر بين طائرتين مدنيتين.
بفضل يقظة المراقب الجوي واستجابة طاقم “نوڤال إير” السريعة، تمّ تفادي الكارثة في اللحظة الأخيرة.
التحقيق النهائي، الذي سيُنشر لاحقاً، يهدف إلى تحسين إجراءات السلامة الجوية دون تحميل أي جهة مسؤولية قانونية، كما هو نهج BEA في كل تحقيقاته.











