وطنية: ورغم حساسية الوضع، التزمت الخطوط التونسية -كعادتها-الصمت ولم تُصدر إلى حدود الآن أي بيان توضيحي يشرح وضعية أسطولها أو مدى تأثر رحلاتها بالقرار العالمي.
كل الاسطول التونسي من الايرباص والناقلتان والوزارة صامتة
تونس الان
أثار قرار شركة «إيرباص» بإيقاف تشغيل نحو 6000 طائرة من طراز A320 حول العالم حالة من الارتباك في قطاع الطيران الدولي، بعد اكتشاف خلل برمجي حساس مرتبط بتأثير الإشعاعات الشمسية على أنظمة التحكم.
القرار، الذي يوصف بأنه أحد أكبر إجراءات السلامة في تاريخ الشركة الأوروبية، يهم مباشرة الناقلة التونسية التي يعدّ كل اسطولها من نفس العائلة المعنية نظريا بإيقاف النشاط باستثناء طائرة الايرباص أ 330.
ورغم حساسية الوضع، التزمت الخطوط التونسية -كعادتها-الصمت ولم تُصدر إلى حدود الآن أي بيان توضيحي يشرح وضعية أسطولها أو مدى تأثر رحلاتها بالقرار العالمي.
هذا الغياب التام للتواصل يثير تساؤلات عديدة لدى المسافرين والمتابعين، خاصة وأن الشركة تمر أصلًا بمرحلة صعبة تتسم بكثرة التأخيرات وشكاوى الحرفاء.
فالخطوط التونسية تعتمد في جزء كبير جدا من عملياتها على أسطول طائرات من نوع الايرباص أ 320 الذي يشكل العمود الفقري لرحلاتها المتوسطة.. وحتى الطائرة الوحيدة على ما يبدو من طراز ايرباص أ319 فهي معنية بالقرار العالمي بحكم أنها من عائلة طائرات أ 320 التي تضم أ 321 كذلك.
ومع إعلان إيرباص عن ضرورة تحديث أنظمة الطائرات المتأثرة قبل السماح لها بالطيران، تصبح الناقلة التونسية أمام سيناريوهات عملية لا مفر منها، أهمها اجراء فحوصات تقنية عاجلة لطائراتها من هذا الطراز للتأكد من سلامة البرمجيات… وهو ليس بالامر الصعب لان الجذاذة الفنية تحتوي تفصيلا على كل المعطيات، وبالتالي فان الامر لا يتطلب الا دقائق معدودات فاذا ما تأكد وجود تلك البرمجية فان إمكانية إيقاف مؤقت يبقى الأرجح والاسلم للناقلة الوطنية سيما ونحن نعلم مدى تمسك المكلفة بالتسيير بتطبيق القانون.. بما يعني إعادة جدولة الرحلات أو تقليصها، وهو أمر قد يكون مكلفًا على المستوى التجاري واللوجستي.
وحتى البحث عن حلول بديلة مثل استئجار طائرات إضافية أو تعزيز الشراكات الجوية لتجنب تعطيل الشبكة سيكون أمرا صعبا لتعطل 6000 طائرة دفعة واحدة بما يعني اقبالا هاما على سوق الايجار.
إن التواصل مع حرفائها يبقى معضلة الخطوط التونسية رقم واحد لأن بها من العاملين الصادقين من يقوم بالمعجزات لكن سيدة الناقلة الأولى يبدو انها تفضل الصمت لذلك نجد صفحتها الرسمية لا تتحدث الا عن انتخابها او العروض التجارية لناقلة فقدت المصداقية ومعها ماء وجه أبنائها.
وحتى لا نتهم بالتحامل على الخطوط التونسية فإن شركة الطيران الجديد او نوفالآر -التي يتشكل اسطولها كله من طائرات ارباص أ320- لم تشذ على القاعدة واستهانت بمسافريها ولم توفر لهم اية إيضاحات ولو ان الفرق بين الناقلتين يتمثل في الانتظام، فاليوم مثلا كل رحلات نوفالآر أقلعت تقريبا في موعدها -الى حدود كتابة هذا المقال أي قبل الساعة العاشرة صباحا من يوم السبت 29 نوفمبر 2025- في حين سجل عدد من التأخيرات على متن الخطوط التونسية من ذلك تأخر رحلة مونتريال التي تستخدم فيها طائرة ايرباص أ 330 – غير معنية بالمراجعة الفنية لكنها تستخدم في اتجاهات أخرى- بحدود اكثر من 6 ساعات في انتظار إمكانية واردة لمزيد التأخير (مبرمجة التاسعة صباحا أخرت للرابعة ظهرا) إضافة لـ9 رحلات أخرى أعلنت الخطوط التونسية مسبقا تأخرها من ساعة واحدة الى 7 ساعات (جرت العادة ان الموعد المعلن يتم تجاوزه لأنه تقديري) مما يعزز الشك في ان تكون الطائرات معنية بالخلل الفني.
لكن كل هذا لا يزيد من حساسية الوضع ففي جراب الناقلة الوطنية أكثر من 3000 شكوى في سنة 2025 بسبب تأخيرات الرحلات (كلام وزير النقل)، ما يجعل أي اضطراب إضافي لا عامل ضغط مضاعف على صورتها وخدماتها بل طاحونة الشيء المعتاد أي كما يقول عادل امام “متعودة دايما”.
ويبقى السؤال الملح لماذا تلتزم الخطوط التونسية ومعها نوفالآر الصمت؟ وهل لا يعنيهما توجس مسافريهما وخوفهم المشروع؟ وان كان لا يعنيهما فماذا عن سلامتهم؟ وماذا لو قدر الله حدث اضطراب ما؟ ومن يتحمل مسؤولية ذلك؟
ان الحاجة تبقى ملحة إلى بيان عاجل يكشف عن وضعية أسطولهما وبدقة وبسرعة كما المطلوب من سلطة الاشراف ان تبادر بحثّ مسؤولي الناقلتين على القيام بذلك واحترام حرفائهما الذين ضاقوا ذرعا من كثرة تجاهلهم.
فكل تأخير في التواصل يُعمّق القلق لدى الجمهور، خاصة في سياق عالمي يتعامل مع قرار استثنائي مسّ أسطولًا ضخمًا من الطائرات.
فالخطوط التونسية مثلها مثل نوفالآر تقفان اليوم أمام اختبار حقيقي في إدارة الأزمات. فقرار «إيرباص» يفرض تحركًا سريعًا وشفافًا، ليس فقط لضمان سلامة الطيران، بل أيضًا للحفاظ على ثقة المسافرين في شركتين وطنيتين احداهما تواجه أصلًا تحديات مالية وتشغيلية كبيرة.














